Friday 29 July 2011

استهلالة

هذه المــدونة

توجد المئات من الكتب المنشورة عن العمارة الاسلامية باللغات الاوروبية ، والآلاف من المقالات فى الدوريات العلمية ، وعشرات الآلاف من الاوراق العلمية والرسائل والبحوث والدراسات اضافة الى الكثير المتوفر على شبكة الانترنت ايضا باللغات الاوروبية .رغم هذا تظل هذه الثروة الهائلة من المعلومات محجوبة عن قطاع كبير من الراغبين فى المعرفة من الطلاب والباحثين فى معظم الدول العربية بسبب عدم التمكن من اللغات .

ان نقل المعرفة العالمية عن العمارة الاسلامية الى العربية يحتاج لجهد يفوق كثيرا قدرة اى فرد .  من هنا تسعى هذه المدونة للمساهمة بالقاء الضوء ، بالعربية ، على بعض من هذه المعرفة ومصادرها .

ارحب ، بل اناشد كل من يرغب ان يدعم هذه التجربة . والله المســتعان... 

د  فتـحى بشــير
  جامعة الرباط الوطنى ، الخرطوم
  كلية شرق النــيل ، الخرطوم



Preface

There is abundance of material on Muslim Architecture published  in the European languages both in printed and electronic forms, however very few in Arabic.

This wealth of knowledge remains out of reach of the majority of our students in the Arab World because of the barrier of the language. Translation of such resources into Arabic is no doubt beyond the limited means of the individuals. However, the contribution of this blog will be confined to introducing, in Arabic, some selected  material from published books, articles and studies on Muslim architecture.

Any one can help please contact me.

Dr Fathi Bashier
University of National Ribat, Khartoum
Sharq al-Neel College, Khartoum



التصور المعمارى واثره على البناء التشكيلى فى عمـــارة الممــاليك
(  القاهرة 1250- 1517 )

تعنى هذه الدراسة بالتصور المعمارى الذى افرزته طبيعة المرحلة والقضايا المتعلقة بالاهداف  السياسية والاجتماعية والثقافية فى عصر المماليك واثره على الهوية المعمارية . شكلت تلك القضايا عاملا اساسيا فى بلورة الاطار النظرى للتصور المعمارى الذى ابتكره المماليك ، غير انها لم تكن العامل الوحيد بل لعب الموقع ايضا دورا كبيرا فى صنع التصور المعمارى وتشكيل القسمات الاساسية للتعبير المعمـارى فى عصر المماليك .
قبل مناقشة التصور المعمارى ومحاولة تحديد اثره على التعبير المعمارى عموما والبناء التشكيلى بصفة خاصة . نتعرف على طبيعة المرحلة وعلى القضايا السياسية والاجتماعية والثقافية التى اثارتها ونتعرف كذلك على قضايا الموقع وفهم اثر كل منها فى تحديد التصور المعمارى الملائم لكليهما .

يستعمل تعبير " التصور المعمارى" فى هذه الدراسة لللدلالة على المعنى المقابل للكلمة الانجليزية  concept. ويستعمل تعبير "التصور المعمارى"  بهذا المعنى للدلالة على المفرد او الجمع لاننا لا نريد استعمال كلمة "تصورات" لان المعنى قد يختلف نوعا ما .

____________________

اثناء فترة حكم الايوبيين التى استمرة ثلاثة وثمانين عاما تغير وجه القاهرة تغييرا اجتـماعيا وعمرانيا مهد الى تطورات اكبر فى عصر المماليــــك 1517-1250 .  لم تعد القاهرة مدينة للامراء وسكن للنخبة من الطبقة الحاكمة . اثر هزيمة الفاطميين سنة 1171 كان هدف صلاح الدين هو تمكين قاعدة حكمة من طبقات الشعب . فتح صلاح الدين المدينة امام وصول اعداد كبيرة من سكان الفسطاط ليستقروا فى القاهرة وادى ذلك الى تغيير التركيبة الاجتماعية للسكان واعاد صياغة النظام الهيكلى الهرمى فيها .
صار التشكيل الاجتماعى الجديد موحيا لابتكار المبانى لوظائف لم تكن معروفة من قبل . استلهم المماليك من الاهداف السياسية والاجتماعية الجديدة ابتكار صيغة المجمعات الحضرية . تعرف هذه المؤسسات شعبيا بأسم المدرسة وهى مؤسسات عامة لخدمة الناس والحكام ويضم معظمها الضريح الى جانب  المسجد المدرسة أو الخانقة واحيانا كانت تقدم خدمات اجتماعية خيرية اخرى متعددة مثل الماريستان والكتاب والسبيل .
بخلاف السائد فى الفترات السابقة لم ينشغل المماليك ببناء المدن او بناء القصور والمساجد الكبيرة ، بل صار التركيز على المنشآت التى لها اجندة سياسية واجتماعية مركبة ذات الصلة بالجماهير . كان الهدف الاساسى هو الرغبة فى التعامل المباشر لاول مرة مع الجماهير لاغراض الدعوة الدينية والسياسية والتى ابتكر لها المماليك صيغة المجمعات الحضرية . كان الصرح التذكارى هو التصور الاول فى عمارة المماليك . كان الغرض من بناء المجمعات الحضرية هو اقامة الصرح التذكارى بهدف التواصل الاجتماعى بين الحاكم والناس فى حياته وبعد وفاته ايضا .


1/ الصرح التذكارى : المجمع الحضرى والضريح

الضريح هو العنصر المحورى فى بناء  المجمعات الحضرية . لم تكن الأضرحة موجودة حتى القرن التاسع الميلادى وقد يرجع السبب فى ذلك الى وجود خلاف فى الاسلام حول بناء الاضرحة . فى القاهرة كان بناء وزيارة  اضرحة الأولياء من الشيعة تقليد تواضع عليه الناس منذ القرن الثانى عشر . وفى العصر الايوبى صار هذا التقليد مقبولا لدى اهل السنة وفى عهدهم انشأ الملك الكامل نصر الدين ضريح الامام الشافعى ، وهو اول ضريح سنى كبير فى القاهرة . النموذج الرئيسى الذى سار عليه المماليك فيما بعد كان هو ضريح الملك الصالح نجم الدين ايوب الذى الحق  بالمدرسة الصالحية التى اسسها الملك الصالح سنة 1243 . كانت الصالحية لها تأثير كبير فيما احرزه المماليك من تطور فى شتى جوانب التصميم المعمارى . فتح هذا الصرح الايوبى الاخير الباب امام المماليك للتوسع فى بناء المجمعات الحضرية التى تضم المدرسة والمسجد والخانقة الى جانب الضريح .
شكل ضريح الملك الصالح سابقة بناء الاضرحة داخل المدينة . فى عصر المماليك صار بناء اضرحة الحكام داخل المدينة بدلا من المقابر فى اطراف المدينة  تقليدا يعكس توقير الحكام وأدى انتشار هذا المفهوم الى التوسع فى المبانى التذكارية . صار الحكام يبنون الاضرحة فى مواقع مرموقة فى داخل المدينة ويلحقون بها مدرسة او خانقة ، ويجعلونها مفتوحة لبرامج ذات وظائف دينية الطابع مثل تلاوة وحفظ القرآن مما ساعد على التخلص من التقليد الذى كان بمنع بناء الاضرحة كما أوقفت لها الاوقاف للانفاق على تدريس  قانون الشريعة والدين الاسلامى .


قصر الخليفة الفاطمى بشارع المعز : الموقع والشرعية
كان الهدف الثانى من بناء الاضرحة داخل المدينة هو علاقة الموقع بالشرعية . عندما صعد المماليك الى سدة الحكم فى البلاد كانت الشرعية على رأس اهتماماتهم وتحقيقها من اهم اهداف السياسة  الحضرية فى ذلك العصر . كان اهم وسائلهم لتحقيق الشرعية هو بناء مؤسسات الدولة الجديدة فى ذات المواقع التى سكنها الحكام الفاطميين من قبل والتى اكتسبت خصوصيتها من شرعيتهم .
اسس الفاطميين مدينة القاهرة  (974- 969) كمقر للخليفة وسكن للامراء والنخب من رجال الحكم . حوت عاصمة الخلافة الفاطمية بضع منشآت يحيط بها السور وشملت قصر الامام الفاطمى وساحة للاحتفالات الرسمية العامة ومسجدا جامعا هو الجامع الازهر . احتل القصر والساحة موقعين متقابلين على الشارع الرئيسى ، شارع المعز لدين الله  بمنطقة بين القصرين . فى عصر الفاطميين كانت القاهرة مدينة الطبقة الحكمة اما المواطنين العاديين فقد كانت الفسطاط سكنا لهم . اتبع الفاطميين فى ذلك تقاليد سار عليها الحكام منذ دخول المسلمين الى مصر تخلت الدولة عن العاصمة السابقة وانشأت بدلا عنها عاصمة جديدة لها .
بعد سقوط الفاطميين يستمر موقع قصر الخليفة بمنطقة بين القصرين يشكل اهمية سياسية استمرت طوال العهدين التاليين فترة الايوبيين وفترة المماليك . فى فترة الايوبيين مهدت السياسة الرامية لمحو آثار الفاطميين واحتلال مواقعــهم الطريق امام اعادة انــــتاج تلك المواقع فى عصر المماليك برؤية مختلفة حركتــها الحاجة الى التمــاس الشرعـية بالقرب من مواقع السـلطة الفاطمــية . من هنا كان اختيار الظـاهر بيبرس (1277- 1260) ، اول سلاطين المماليك البحرية ، موقع قصر الحكام الفاطميين لبناء مدرسته بجوار المدرسة الصالحية .
بنى السطان الظاهر بيبرس مدرسة بالجهة الشمالية الشرقية من ضريح "سيده" الملك الصالح ايوب فى موقع قصر الامام الفاطمي فى قلب حى الحكام الفاطميين بالقاهرة المعروف بحى بين القصرين . ثم بعده بنى السلطان قلاوون مؤسس دولة المماليك البحرية مؤسستة التى تضم مدرسة وضريح وباماريستان على موقع قصر الامام الفاطمى ايضا ، امام مدرسة الظاهر بيبرس مباشرة .  فى سنة 1295 بدأ الامير كبتجا الذى كان مملوكا للسلطان قلاوون تشييد مجمع المدرسة والضريح بجوار ضريح قلاوون فى اشارة واضحة للاعلان عن نفسه وريثا شرعيا للسلطان قلاوون فى حكم مصر . عندما عاد السلطان الناصر محمد ابن قلاوون الى الحكم للمرة الثانية فى  1295وضع يده على المدرسة واتم بناءها ، وهى اول مدرسة فى القاهرة بها اربعة ايوانات لتدريس المذاهب الاربعة . ثم جاء من بعدهم السلطان برقوق مؤسس دولة المماليك الجراكسة (1386- 1380) وبنى مدرسة وخانقة وضريح شمال مجمع قلاوون . يؤكد اختيار السلطان برقوق لهذا الموقع بجوار مجمع ضريح قلاوون رغبته فى اظهار نفسه كأمتداد لدولة المماليك البحرية  .
 يعلق John Alden Williams   على حرص سلاطين المماليك على اقامة الصرح التذكارى على موقع قصور الحكام الفاطميين فى قلب مدينة القاهرة فيذكر انه يمكن تفسير هذه المؤسسات باعتبارها رسالة سياسية تحمل مضمون محدد يعبر عن الموقف السياسى لمؤسس الصرح وصاحب الضريح [1].

_______________________

المدرسة هى المكون الثانى فى المجمعات الحضرية من حيث الاهمية بعد الضريح . اثر هزيمة صلاح الدين للفاطميين سنة 1171 شرع صلاح الدين فى تأسيس قاعدة لبعث الاسلام السنى ، كان الهدف الآساسى موجها ضد الشيعه . فقد قام صلاح الدين كجزء من مجهوده لازالة آثار الفاطميين بهدم اجزاء من قصر الخليفة الفاطمى لبناء المدارس لتعليم الناس المذاهب الـسنية .
تأسست اول مدرسة فى مصر تقوم على نظام الايوانات سنة 1216 . المدرسة الثانية هى المدرسة الكاملية سنة  1225 وكانت بها ايوانين وكانت تدرس المذهب الشافعى . اول مدرسة ذات اربعة ايوانات هى المدرسة التى اسسها الملك الصالح سنة 1241-1241 وكانت قد تفردت بجناحين مستقلين بكل منهما فناء حوله ايوانين  . اما اول مدرسة تجمع اربعة ايوانات حول الفناء الاوسط فهى المدرسة الظاهرية التى اسـسها الظاهر بيبرس سنة 1263 . من بعد سار الحكام المماليك على هذا النهج وأسسوا سلسلة من المدارس المتتابعة وصولا الى الغورية التى اسسها السلطان قونش الغورى سنة 1303- 1305  .
 يتكون مخطط المدرسة التقليدى من طراز القاعة والايوانات بصورة عامة من فناء مستطيل يتوسط المدرسة ويقع محوره الطولى باتجاه القبلة . يحيط بالفناء اربعة ايوانات غير متساوية المساحة : ايوانين كبيرين متقابليين على المحور الطولى ، محور القبلة ، يتوسطان الضلعين القصيرين اكبرهما ايوان القبلة ؛ وايوانين صغيرين متقابلين على المحور العرضى يتوسطان الضلعين الطويلين ويحيط بهما على الجانبين غرفا صغيرة لسكنى الطلاب موزعة على عدة طوابق .

لم تكن المدرسة هى المؤسسة الوحيدة التى نقلها صلاح الدين الى مصر بل اليه يرجع الفضل فى ادخال المسجد الخلوة اليها وتأسيس اول خانقة بها سنة 1174-1173 وهكذا برزت فى عصر المماليك مؤسستين احتلتا موقعا يضاهى اهمية موقع المسجد الجامع فى العصور الاسلامية المبكرة وهما المسجد المدرسة والمسجد الخانقة . فى مصر استخدم تخطيط المدرسة فى بناء الخانقة مثل خانقة السلطان بيبرس الجاشنكير سنة 1309 التى تشبه تخطيط المدرسة لحد كبير .
بنى المماليك المجمع الحضرى ليكون صرحا تذكاريا ليس من اجل تخليد ذكرى السلاطين فحسب بل كان له دوافع اقتصادية ايضا كوسيلة لنقل الثروة والعزوة لابنائهم الذين لم يكن القانون يسمح بتوريثهم . كان السلاطين يهبون الممتلكات للاوقاف من اجل الانفاق على مؤسساتهم الخيرية . كانت اموال الاوقاف تنفق على ادارة المدرسة او الخانقة والضريح وعلى الطلاب والصوفيين الدارسين بها والمعلمين الشيوخ ، وكان جزء منها يذهب لابناء السلاطين المماليك . قيام الابناء على تلك المؤسسات كان الضمان الذى يوفر لهم المخصصات والمكانة الاجتماعية ايضا .

________________________

الموقع واثره على تخطيط المجمعات الحضرية
لا تكتمل مناقشة المجمع الحضرى دون اخذ تأثير الموقع فى الاعتبار . بالاضافة الى ما يعكسه اختيار الموقع من بعد سياسى فهو يلقى ايضا بظلال متعددة على تخطيط المجمعات الحضرية وبنائها التشكيلى والعلاقات الحضرية التى تنشأ من حولها .
نشأت المجمعات الحضرية فى عصر المماليك فى مواقع على الشريان الرئيسى المعروف بشارع المعز فى قلب القاهرة الفاطمية ذات الشوارع الضيقة غير المنتظمة . الموقع مستطيل الشكل بصورة عامة اضلاعه الطويلة فى اتجاه العمق  والضلع الصغير هو الواجهة على الشارع . نظرا لشكل الموقع كان اختيار مخطط المسجد المدرسة من طراز الايوانات اختيارا مناسبا املاه شكل الموقع . المدرسة عبارة عن فناء مستطيل تحيط به اربعة ايوانات على المحورين الرئيسيين فى منتصف الاضلاع الاربعة . كان طبيعيا ان يختار المصمم الفناء مستطيلا وان يضعه وكذلك الايوانين الكبيرين على المحور الطولى فى اتجاه العمق ، وان يضع ايوانين صغيرين على الضلعين الطوليين للفناء بحيث تسمح المساحة المتبقية لاحتواء غرف الطلاب .
اصبح هذا المخطط ، المعروف بطراز القاعة والايوانات ، تقليدا متبعا فى بناء المدرسة ، والخانقة ايضا وكان استخدامه بمرونة شديدة اقتضتها المتغيرات فى شكل الموقع واتجاهه الجغرافى . كثيرا ما تطلب وجود الموقع شرق الشارع او غربه اجراء التعديلات المناسبة على المخطط العام للمدرسة منها وضع ايوان الصلاة فى الاتجاه الصحيح فى المقدمة على الشارع اذا كان الموقع غرب الشارع مثل مجمع قلاوون ومدرسة الناصر محمد ابن قلاوون ، او فى مؤخرة المبنى الى الداخل اذا كان الموقع بالجهة المقابلة شرق الشارع مثل خانقة بيبرس الجاشنكير بالجمالية بالقاهرة . فى كلا الحالتين يختلف وضع المدخل اختلافا كبيرا عن ما كان سائدا فى تصميم المساجد فى الفترات الاسلامية السابقة حيث كان المدخل بصورة عامة فى منتصف الجدار الجنوبى الغربى المواجه لجدار القبلة ويقع على محور القبلة .
جاءت اهم التعديلات نتيجة ان محور القبلة فى الموقع ليس عموديا على خط الشارع . استلزم هذا توجيه المدخل والواجهة الامامية توجيها مختلفا يتطابق مع خط الشارع ويختلف عن توجيه المبنى نفسه داخل الموقع نحو القبلة . وضع المصمم فناء المدرسة فى قلب الموقع بزاوية ميل متوافقة مع اتجاه القبلة وادى هذا الى تعديل سمك جدار الواجهة لكى يتطابق الوجه الخارجى مع خط الشارع . اصبح هذا الحل تقليدا سارت عليه جميع المنشآت التى اقيمت داخل المدينة فى تلك المرحلة ، ولكنه لم يكن سنة ابتدعها المعماريون المماليك بل استخدم لاول مرة  من قبل فى جامع الاقمر (1125)فى هذه الحالة تتبع البوابة الرئيسية خط الشارع ويتبعها عادة ردهة المدخل وربما الدهليز الذى يؤدى الى الفناء ايضا فى بعض الحالات .

 انتجت العمارة فى عصر المماليك بعض من ارفع المبانى الاسلامية وعلى رأسها تأتى مدرسة السلطان حسن على قمة عمارة المدارس فى القاهرة . يختلف شكل موقع مدرسة السلطان حسن كثيرا عن المدارس فى العصور الوسطى الاسلامية فى القاهرة ، فبينما كان بناء المدرسة فى عصر المماليك البحرية محصورا بين المبانى المجاورة ولا يمكن رؤيته الا من الواجهة الامامية فقط . كان موقع مدرسة السلطان حسن موقعا مستقلا تحيط به الشوارع من جميع الجهات ، وقد انعكس ذلك على التصميم الذى يعبر بحرية لاول مرة عن الشكل المستقل فى الحيز الحضرى والذى لم يتكرر مثله مرة أخرى فى مصر .
من اهم انعكاسات الموقع على تصميم مدرسة السلطان حسن هو بروز الضريح فى مقدمة المبنى بروزا كاملا بثلاث واجهات . يقع الضريح ، على غير المألوف فى الاضرحة المصرية ،  امام المحراب  وهى حالة نادرة جدا خصوصا ان المحور الطولى الذى يمر بمركز الفناء وينصف ايوان القبلة ينصف الضريح ايضا . صممت مدرسة السلطان حسن  عل شكل هندسى متماثل يجمع  المساحات الداخلية حول المحور الطولى ، ويعبر عن التوازن المنشود بين المذاهب الفقهية الاربعة ويعكس اهتمام غير مسبوق فى العمارة الاسلامية بالبناء التشكيلى الخارجى.
تحتل المدرسة قلب المبنى وهى من طراز الفناء والاربعة ايوانات . سمح الموقع المستقل بوضع الوحدات السكنية على الواجهة الخارجية الشمالية والجنوبية بدلا عن الواجهات الجانبية للفناء كما كان متبعا فى مدارس المماليك البحرية من قبل . بوضع معظم الوحدات السكنية لاول مرة على الواجهة الخارجية اصبحت الواجهات الداخلية المطلة على الفناء خالصة تستقل بها اربعة ايوانات مقبية تطل على الفناء دون ان تشاركها الوحدات السكنية كما كان مألوفا من قبل . كذلك كان الموقع مناسبا لوضع اربعة مدارس فى الحيز المحصور بين الايوانات الاربعة اضافة الى تخصيص ايوان من الايوانات الاربعة لكل مدرسة ، كان لكل مدرسة مبانيها الخاصة التى اشتملت فناء صغير يطل عليه ايوان متجه نحو القبلة وتضم عددا من الوحدات السكنية موزعة على اربعة طوابق  يطل معظمها نحو الخارج على الواجهات الشمالية والجنوبية ويطل بعضها على الفناء الداخلى الصغير .






المسقط الافقى : مدرسة السلطان حسن
المصدر:  http://www.archnet.org/
_________________________________

المراجع والمذكرات


[1] - John Alden Williams. 1984. Urbanization and Monument Construction in Mamluk Cairo. In Oleg Grabar (ed.).Muqarnas Vol. II: An Annual on Islamic Art and Architecture. Yale University Press. http:/ archnet.oirg/ library. P. 35.
2- Howayda al-Harithy, 2001. http://ArchNet.org/library.