تعلـــيم العــمارة (2)
استوديو التصميم : الدراسات الاولية والتصور المعمارى
تتبع مشروعات استوديو التصميم خطوات تقليديية تبدأ من اختيار المشروعات وكتابة برامجها وتقديمها للطلاب ، يليها مرحلة الدراسات الميدانية وتحليل المعلومات وبلورة مؤشرات التصميم ، ثم التصميم فى المرحلتين الاولية والمتطورة وحلقات النقد المصاحبة ، انتهاء بالتسليم النهائى وتحكيم المشروعات .
المرحلة الثانية من مراحل عمل استوديو التصميم هى مرحلة الدراسات الاولية و مؤشرات التصميم التى نصفها بتعبير التصور المعمارى . ازداد فى الفترة الاخيرة قلق الباحثين بخصوص ضعف الدراسات الاولية فى معظم مدارس العـمارة وعزوف الطلاب عن بذل الجهد اللازم للتصور المعمارى .
هناك نقد شديد موجه للاسلوب التقليدى فى تعليم العمارة الذى يركز على المنتج الاخير ويدفع الى الاهتمام بشكل التصميم النهائى دون الاهتمام بالاســلوب الذى يتبع للوصول الى ذلك التصميم (Hadjiyanni, 2008) . فى الخرطوم يبدى بعض الباحثين قلقا مبررا من الجهد الذى يبذله الطلاب فى شكل رســـومات متميزة تهدف الى أرضــاء المحكمين دون كبير اهتمام بالدراســــات التى يقومون بها للوصول الى تلك النتيجة )عثمان ، 2002 ( . يزيد الامر تعقيدا ما اظهره اســتطلاع الرأى الذى قام به طلاب العـــمارة فى بعض الجامــعات المصرية (1999) ، كمـا يقول الباحثان Ashraf M. Salama and M. Sharif T. El-Attar (2010) ، الذى يعكس تأثير اسلوب اظهار المشروعات المهيمن على قرارات التحكـــيم بصرف النظر عن التــصور المعـــمارى وافكـار التصميم (Salama and El-Attar, 2010).
يعطى الطرح الذى تقدمت به Tasoulla Hadjiyanniفرصة طيبة لحل هذه القضية . تقول الباحثة : اذا كان لتعليم العمارة ان يكون مواكبا لاهتمامات العصر فعليه اولا ان يعيد ضبط اتجاهه وبؤرة تركيزه ، وان يوازن بين تعليم الدارسين المهارات التى تتطلبها مهنة العمارة وان يهيىء لهم المناخ المناسـب لاكتشاف الدور الذى يتطلعون لادائه من اجل التغيير فى مجتمعاتهم . وهى ترى ان هذا الدور يمكن ان يتحقق من خلال التصور المعمارى .
فى مقالا نشر فى ArchNet IJAR, Vol 2- Issue 2.2008 بعنوان:
''Beyond the Concepts- A studio Pedagogy for Preparing Tomorrow's Designers''
كتبت Tasoulla تسـتعرض نتائج بحثها فى تعلـــــــيم العمـــارة الذى يدعو الى اســلوب جديد تصـفه بنظريــة التغيير transformative concept development . تدعو نظرية التغيير التى تبـشر بـها Tasoulla Hadjiyanni الى التركيز على اســـلوب بلورة التصميم من التصور المعمـارى the concept ، وهى ترى ان التصور المعمارى يمثل ساحة التغيير التى يكتشف الدارسون فيها انفسهم ، وفيها يحددون موقفهم من قضايا مجتمعاتهم (Hadjiyanni, 2008).
نرى ان التغلب على عزوف الطلاب عن الدراسات الاولية وجعلها عملا جاذبا يقبلون عليه بمثل اقبالهم على التصميم نفسه يمكن ان يتحقق بتشجيعهم على جعل التصور المعمارى اهتماما شخصيا . ان يوظف الطلاب التصور المعمارى للتعبير عن انفسهم ؛ مبادئهم وتجاربهم الشخصية وموقفهم من قضايا مجتمعهم والعالم ، وان يتخذوا التصور المعـــمارى اطارا فكريا للتصميم المرتبط بقضايا مجتمعهم .