Friday, 11 November 2011

دراســـات

تعلـــيم العــمارة (2)
استوديو التصميم : الدراسات الاولية والتصور المعمارى
  
تتبع مشروعات استوديو التصميم خطوات تقليديية تبدأ من اختيار المشروعات وكتابة برامجها وتقديمها للطلاب ، يليها مرحلة الدراسات الميدانية وتحليل المعلومات وبلورة مؤشرات التصميم ، ثم التصميم فى المرحلتين الاولية والمتطورة وحلقات النقد المصاحبة ، انتهاء بالتسليم النهائى وتحكيم المشروعات .
  
المرحلة الثانية من مراحل عمل استوديو التصميم هى مرحلة الدراسات الاولية و مؤشرات التصميم التى نصفها بتعبير التصور المعمارى . ازداد فى الفترة الاخيرة قلق الباحثين بخصوص ضعف الدراسات الاولية فى معظم مدارس العـمارة وعزوف الطلاب عن بذل الجهد اللازم للتصور المعمارى .
هناك نقد شديد موجه للاسلوب التقليدى فى تعليم العمارة الذى يركز على المنتج الاخير ويدفع الى الاهتمام بشكل التصميم النهائى دون الاهتمام بالاســلوب الذى يتبع للوصول الى ذلك التصميم  (Hadjiyanni, 2008) . فى الخرطوم يبدى بعض الباحثين قلقا مبررا من الجهد الذى يبذله الطلاب فى شكل رســـومات متميزة تهدف الى أرضــاء المحكمين دون كبير اهتمام بالدراســــات التى يقومون بها للوصول الى تلك النتيجة )عثمان ، 2002 ( . يزيد الامر تعقيدا ما اظهره اســتطلاع الرأى الذى قام به طلاب العـــمارة فى بعض الجامــعات المصرية (1999) ، كمـا يقول الباحثان Ashraf M. Salama and M. Sharif T. El-Attar (2010)  ، الذى يعكس تأثير اسلوب اظهار المشروعات المهيمن على قرارات التحكـــيم بصرف النظر عن التــصور المعـــمارى وافكـار التصميم  (Salama and El-Attar, 2010).
يعطى الطرح الذى تقدمت به  Tasoulla Hadjiyanniفرصة طيبة لحل هذه القضية . تقول الباحثة : اذا كان لتعليم العمارة ان يكون مواكبا لاهتمامات العصر فعليه اولا ان يعيد ضبط اتجاهه وبؤرة تركيزه ، وان يوازن بين تعليم الدارسين المهارات التى تتطلبها مهنة العمارة  وان يهيىء لهم المناخ المناسـب لاكتشاف الدور الذى يتطلعون لادائه من اجل التغيير فى مجتمعاتهم . وهى ترى ان هذا الدور يمكن ان يتحقق من خلال التصور المعمارى .
فى مقالا نشر فى ArchNet IJAR, Vol 2- Issue 2.2008  بعنوان:
''Beyond the Concepts- A studio Pedagogy for Preparing Tomorrow's Designers''
كتبت Tasoulla تسـتعرض نتائج بحثها فى تعلـــــــيم العمـــارة الذى يدعو الى اســلوب جديد تصـفه بنظريــة التغيير transformative concept development . تدعو نظرية التغيير التى تبـشر بـها Tasoulla Hadjiyanni الى التركيز على اســـلوب بلورة التصميم من التصور المعمـارى the concept ، وهى ترى ان التصور المعمارى يمثل ساحة التغيير التى يكتشف الدارسون فيها انفسهم ، وفيها يحددون موقفهم من قضايا مجتمعاتهم  (Hadjiyanni, 2008).
نرى ان التغلب على عزوف الطلاب عن الدراسات الاولية وجعلها عملا جاذبا يقبلون عليه بمثل اقبالهم على التصميم نفسه يمكن ان يتحقق بتشجيعهم على جعل التصور المعمارى اهتماما شخصيا . ان يوظف الطلاب التصور المعمارى للتعبير عن انفسهم ؛ مبادئهم وتجاربهم الشخصية وموقفهم من قضايا مجتمعهم والعالم ، وان يتخذوا التصور المعـــمارى اطارا فكريا للتصميم المرتبط بقضايا مجتمعهم .

Friday, 4 November 2011

التــصور المعــمارى فى وثيقة الوقف فى عـــمارة الممــاليك

التصميم المعمارى هو ترجمة للفكرة التى نصفها بالتصور المعمارى ، وهو تجسيد للبرنامج الوظيفى والاهداف التى يتضمنها التصور المعمارى .
يلعب التصور المعمارى دورا محوريا فى عمارة المماليك . وقد رأينا كيف نشأت عمارة المماليك وفق برنامج اجتماعى مرتبط بقضايا الناس ورأينا اسلوب التصور المعمارى فى التعبير عن ذلك البرنامج وتوجيه التصميم استجابة للقضايا التى يتبناها .
اشتملت وثيقة الوقف التى ناقشها بعض الباحثين فى عمارة المماليك على الملامح الاساسية للتصور المعمارى . فقد حوت وثيقة وقف جامع السلطان المؤيد على سبيل المثال ادق تفاصيل المبنى ووظائفه المتنوعة والمناشط التى يحتويه . رغم ان وثيقة الوقف بتاريخ 4 جمادى الآخر سنة 824 ه 1421 م ، كما ذكر فهمى عبدالعليم [i] ، قد صيغت عقب اكتمال البناء ، الا ان هناك دليل على انها ، اى وثيقة الوقف  او محتواها على الاقل ، كانت موجودة من قبل بصورة ما . 

مسقط جامع المؤيد
Sourse: ArchNet

ان وثيقة الوقف بمثل بهذه الدقة والتفاصـيل ، لا يمـــكن ان تكون قد استحدثت بالكامل بعد اكتمال البناء لوصف المنشأة وتحديد وظائف اجزائـها ، وانما الارجح عندى هووجود برنامج اعد مســــــــــبقا لتوجيــه تخطيط المبنى وفقا لرغبــــة الســـلطان وتحقيقا للاهداف الدينيـــــــة والثقــــــــافية التى وردت فى الوثيقة .  يؤكد هذا التفســــــــــير ما كتبت Howayda al-Harithy [ii] فى وصف غرف الدارســين فى مدرسة السـلطان حسن  1361- 1356.  رغم ان وثيـــــقة العقد بتاريخ الســبت الموافق 15 ربيع الثانى سنة  760 (1359) والخميس الثانى من رجب سنة 760 (1359) قد تعاملت بالتساوى مع المدارس الاربعة فى جامع السلطان حسن ، كما ذكرت الكاتبة ، الا انها قد حوت اعدادا مختلفة من غرف الدارسين . تعزى الكاتبة ذلك الاختلاف الى عدم انتظام شكل الموقع  مما فرض على المصمم ان يوفق التصميم ، خلافا لنص وثيقة الوقف ، تبعا للوضع الحقيقى على الارض .
جامع ومدرسة السلطان حسن : المسقط الافقى
Source: Islamic Art Network

Notes and Refrences

[i] -  فهمى عبدالعليم ، 1994. جامع المؤسد شيخ . نحو وعى حضارى معاصر ، سلسلة الثقافة الاثرية والتاريخية ، مشروع المائة كتاب (22) . هيئة الثقافة المصرية ، وزارة الثقافة . القاهرة .
[ii] - Howayda al-Harithy, 2007. The Four Madrasahsin theComplex of Sultan Hasan (1356-61). Bruce D. Craig (ed.). Mamluk Studies Review, X1 (2). Middle East Documentation Centre (MEDOC), The University of Chicago.

Friday, 28 October 2011


البــاخرة كررى: التــكنولوجيا الحديــثة فى جنوب الســودان


Source: Pitt Rivers Museum in the University of Oxford
Wilfred Thesiger collection
Retrived 10/27/2011 from: http://www.prm.ox.ac.uk


وصول التكنولوجيا الحديثة الى شواطىء النيل بجنوب السودان – دولة جنوب السودان حاليا - فى ثلاثينيات القرن الماضى . الصـــــــورة للباخرة "كررى" التى عملــــــــت كمكتب عائم ، لمفتش غرب النوير ســــنة 1937- 1939 ايام الحكــم البريـــــطانى (1956- 1898) . واضح ان اى من الطرفين البريطانى والسودانى لم يرغب فى نقل تكنولوجيا صناعة السفن الى السودان !! عمل النقل النهرى فى السودان بكفاءة عالية منذ بدايات القرن العشرين ثم توقف عقب تخلى بريطانيا عن السودان بسنوات قليلة ..ترى هل تخلى السودانيون عنه ايضا !!




Thursday, 20 October 2011

دراسات

     
تعلـــيم العــمارة (1)
اسـتوديو التصميم: تحكـيم المشروعات


تتناول البحوث المنشورة فى سياسات تعليم العمارة بعض جوانب من استوديو التصميم فى الدول العربية . المعروف ان برامج تعليم العمارة وسياسات استوديو التصميم فى الدول  العربية منقولة فى مجملها عن الغرب فى مطلع القرن العشرين . ظلت معظم هذه البرامج دون تغيير يذكر خلال اكثر من خمسون عاما ولا يزال الكثير منها اثير ما هو سائد فى الغرب رغم الاختلافات الاجتماعية و الثقافية وغيرها . تتبع اغلب هذه السياسات خطوات تقليدية فى مشروعات الاستوديو تبدأ من اختيار المشروعات وكتابة برامجها وتقديمها للطلاب ، يليها مرحلة الدراسات الميدانية وتحليل المعلومات وبلورة مؤشرات التصميم ، ثم التصميم فى المرحلتين الاولية والمتطورة وحلقات النقد المصاحبة ، انتهاء بالتسليم النهائى وتحكيم المشروعات .
كثيرا ما ينظر الى هذه السياسة فى استوديو التصميم باعتبارها من الثوابت التى لا يجوز الحياد عنها او تغيير محتواها لاى سبب ، بل يعتبر مجرد التفكير فى مناقشتها بغرض تقويم ادائها انحرافا عن جادة الصواب .

فى الغرب تناولت الابحاث فى الســــنوات الاخيرة ، شتى جوانــب السياسات التعليمـية فى اسـتوديو التصميم . فقد نال تحكــــيم المشروعات على ســبيل المثال قدرا وافرا من التوثيـق، كمــا يــذكر (2010 )Ashraf M. Salama and M. Sharif T. El-Attar   ،  اذ تناولته الدراســات بالتقييم وتحليل اجراءاته وتعرض للنقد الشـــديد فى الادبيات المنشورة . فى المقابل ، كما يعرف المتتبع للبحوث المنــشورة ، هنــــــــاك نقص شديد فى الدول العربيــة فى البحــــث والتوثيق فى هذه الجوانب (Salama and El-Attar, 2010).
يتخذ هذا النقص فى البحث والتوثيق فى سياسات استوديو التصميم فى الدول العربية بعدا اكثر خطورة فى بعض المجتمعات التى لا تؤمن بتعدد الرأى . فى ظل المركزية الشديدة والرأى الاوحد تنعدم فرص اخضاع السياسات للبحث والتقويم . هذا الاتجاه المنغلق هو الذى يسد الطريق على كل اجتهاد وينسف فكرة الابتكار ويعوق التغيير .
_____________________

هناك نقد شديد ، فى الغرب وفى الولايات المتحدة على الخصوص ، موجه نحو الاسلوب التقليدى فى تعليم العمارة الذى يركز على المنتج الاخير ويدفع الى الاهتمام بشكل التصميم النهائى دون الاهتمام بالاسلوب الذى يتبع للوصول الى ذلك التصميم . يحذر الباحثون من خطورة الجهد المبذول والكلفة الكبيرة التى تنفق على عملية الاظهار خصوصا بوسائل الاظهار وآليات العرض الحديثة ، والتى يرى الطلاب ، حسب استطلاعات الرأى ،  انها تؤثر تأثيرا كبيرا على قرارات التحكيم بصرف النظر عن التصور المعمارى وافكار التصميم .
لا يمكن النـظر الى هذه المشــكلة بمعزل عن مشكلة تحكــيم المشروعات .  فى اسـتطلاع للرأى قام به طلاب العـــمارة فى بعض الجامــعات المصرية (1999) اظهر الاستطلاع ، كما يقول الباحثان Ashraf M. Salama and M. Sharif T. El-Attar  ، ان غالبية الطلاب يعتقدون ان النظرة الشخصية والحكم الانطباعى يمثلان العامل الاقوى تأثيرا على تقييم مشروعات الاستوديو ، وان الكثير منهم يرغبون فى ان يكون التحكيم اكثر موضوعية .
يستخلص الباحثان من هذه النتيجة ان النظرة غير الموضوعية القائمة على الانطباع الشخصى هى المسئول الاكبر عن التعويق الذى يسببه التحكيم لعــملية تعليم العمارة باكملها . ويعلقان  بقولهم: قد تفيد النــظرة غير الموضوعيــة فى التـــحكيم بعض الطلاب ، الا انها تضر ضررا شـــديدا بتقييم مشـروعات الغالبية منهم (Salama and El-Attar, 2010).

Friday, 14 October 2011

Heritage and Regional Modern Architecture in Khartoum (3)


Fig. (7) main facade
                                                                              
Another aspect of the regionalist characteristics in Khartoum is the influences of soci-cultural values on space arrangement. In this example, the architect's own house of Abdel Moneim Moustafa, space articulation is determined by the architect's desire to achieve a quality of space that satisfies certain social values such as privacy and social identity.

Throughout many years, the architect has continuously focused, as his work clearly demonstrates, on developing space articulation and on achieving a greater integration of the building into the site. While engaging on developing a grand spatial organization, Moustafa seemed to have given less attention to facades and has even been content with repeating more or less the same earlier facades. However, this is not the case in this latest house which shows a departure from repeating old façade cliché towards authenticity. (Fig.: 7)

   Fig. (8) general view of an earlier house
                                                                                                                           
Besides this new approach to façade design, this recent work also shows increasing integration between the building and the site. In many earlier houses the ground floor was left partly open to allow extended spaces to flow freely across the site (Fig.:8).The open space under the building in the present house, however, acts like the loggia in the Muslim culture with an open front side and a screened back for privacy and ventilation (Fig.:9).

Fig (9) View of the loggia

The loggia occupies an intermediate location that acts as a transition between the private space in the inner patio that lies immediately behind it, and the semi-private spaces in the front garden. The patio is the heart of the house and the core of circulation; it leads to the inner private spaces in the backyard and it contains a staircase going up to the two flats on the first floor. (Fig.:10).

Fig. (10) view of the patio

Right from the moment of entering through the main gate, space begins to evolve spontaneously across the garden passage, up the steps to the podium leading to the loggia (Fig: 11). The loggia links the outdoor spaces in the patio at the back side and the front garden on the other side with the indoor spaces (Fig: 12). This dramatic articulation integrates the building within the site, creates a continuous change of visual experience and reduces the usual monotonous impact of grided column pattern.



Fig. (11) view of the garden passage
Fig (12) View of the loggia

As this example clearly shows, modern architecture is not always synonymous with universal forms. This house can be considered an endeavor to introduce modern regionalism in which synthesis of past experience and modern expressions are well integrated. Interpretation of past experience is manifested in the gradual transition between outdoor and indoor spaces which resembles pre-modern historical precedents, in the separation of private and semi-private domains and in the use of traditional vocabulary such as patios and loggias.




Friday, 23 September 2011


Heritage and Regional Modern Architecture in Khartoum (2)

Another example of modern regional architecture in Khartoum, which uses modern technology in combination with traditional methods of natural cooling, is Salam Centre (2007) (Fig.:5). Salam Centre is a specialized cardiac surgery unit located in Soba on the western bank of the Blue Nile 25 km south of Khartoum. It is designed by studio Tamassociati of Venice, Italy, and developed by Emergency, the Italian based international non-government organization.

                                
(Fig:5) General view

       The architects identified their goals to combine modern technology with traditional methods of climate control in order to achieve a high level of thermal efficiency without relying much on sophisticated energy consuming system. In-depth study of the climate conditions in Khartoum had lead to the use of a combined system of mechanical air-conditioning and natural cooling for maximum efficiency and economy. The design draws on the legacy of traditional environmental techniques including the use of a central green courtyard that acts as a thermal insulation of the interior spaces from the harsh climatic conditions. The design also incorporates the use of massive walls, shading screens, trees and planting to protect the building against excessive heat radiation (Fig.: 6).
                                         
                                                                     (Fig:6) Central courtyrd                                        
                                                                                                   
All three examples presented in this study adopt a dual policy which uses modern technology in combination with traditional methods of natural cooling, but Salam Centre is a head of the other two buildings in maintaining a higher level of green standards. In order to reduce energy consumption, the designers incorporated a solar energy unit as an alternative clean energy option. The advantage of passive cooling here is that it plays a dual role; it reduces the need to rely on energy consuming mechanical cooling, and allows the efficient use of solar energy. Solar cooling system was used in combination with a simple mechanical air-filtering technique designed to filter the large quantities of dust which is common in Khartoum without having to rely on costly and complicated devices. The air is designed to pass through a series of tunnels designed to filter the air, while a water spraying at the end of the tunnels further eliminate the finer dust and allow air to reach the conditioners at 9° C cooler than when it entered the system.

                                       _________________________________

Will be away for a couple of weeks to see Mamluk architecture in Cairo. Hope to resume posting on this blogg as normal on Friday, October 14th, 2011.


                                                           

Friday, 16 September 2011

قــــــراءات

تشكيل الحــيز المعــمارى فى عصر المــماليك: التعبير ودلالته (2)
 (مراجـعة)

Howayda al-Harithy, 2001. The Concept of Space in Mamluk Architecture. Moqarnas Vol. XVIII. http://ArchNet.org/library.


نشأت المجمــعات الحضرية فى عصر الممــاليك على برنامج دينى اجتـماعى يتركز حول العلاقات الجمــاهيرية وله اهداف ثقافية واجتمــاعية وسياسية يعكسها التـصور المعمارى . اضـــافة الى وظائفـه الدينية والتعليــمية صـــار للمبنى رســالة بصرية تعكس مضـمون التصور المعـــمارى ويعبر عنها الشكل المعـــــــمارى . من افضل ما قرأت فى تفـــــسير دلالة الحــيز الحضـــرى فى عمــــارة الممـاليك ما كتبته Howydah al-Harithy فى مقال لهـا بعــــنوان : ''The Concept of Space in Mamluk Architecture'' .
هناك مجموهة من العوامل الثقافية والاجتماعية والسياسية تكون فى مجموعها التصور المعمارى الذى يمثله الشكل المعمارى بمعناه العريض الذى يشمل البـــناء التشكيلى كله بما فيه الحيزات المعــــمارية والحيزات الحضرية فى المحيط المــــباشر . يتطلب فهم دلالة ما تمثله الحيزات المعمارية ايجاد علاقة بين شكل الحيزات ، واسلوب تجميعها وحركة المناشط فيها . تعتمد هذه العلاقة على دراسة اثر العوامل الثقافية والاجتماعية والسياسية الدافعة لابتكار تلك الحيزات ، والمحددة لشكلها واسلوب تجميعها ، والمحركة للمناشط فيها . يتعرض مقال  al-Harithy بالتحليل لاثر هذه العوامل على شكل الحيزات واسلوب تجميعها واتجاهات الحركة فيها ، وتستعين بذلك على توضيح اسلوب الحيزات المعمارية والحضرية فى التعبير عن فلسفة التصور المعمارى . كتب المقال باسلوب انسيابى لا يتوقف عند حدود اقسام معينة او عناوين جانبية تعين الدارس على تتبع التحليل بسهولة ، ولكنه فى ذات الوقت اسلوب يشبه السرد القصصى و لا يخلو من المتعة  للقارىء . تقول الكاتبة:
" أن تعددية وظائف المجمع الحضرى وموقع الضريح فى قلب المدينة هما العنصرين الاساسيين فى سيناريو ابداع الحيز المعمارى .  بالنظر الى مواقعها فى قلب المدينة بكل ما فيها من حياة ، ووظائفها المتعددة صارت المجمعات الحضرية ساحات للعلاقات الاجتماعبة المكثفة . فيها يتم الاتصال واللقاء بين مختلف الفئات الاجتماعية من الطلاب والشيوخ والتجار واصحاب الحاجات والنخب من العسكريين المماليك ."

كان من الطبيعى ان يؤدى تدفق العلاقات الاجتماعية فى المجمع الحضرى على هذا النحو الى تولد تيار من الحركة بين المبنى وجواره الحضرى ، فتنشأ بينهما علاقة متبادلة فى اتجاهين: الاول ، نحو الداخل وهو تأثير الحركة فى الشارع على وظائف المبنى داخليا ؛ والثانى ، باتجاه الخارج، وهو تأثير المبنى نفسه على الحيز العام . تبرز اهمية هذه العلاقة المزدوجة فى اثرها على شكل الحيزات الداخلية والخارجية واسلوب تجميعها . ينظر هذا الجزء الى العلاقات الوظيفية وحركة المناشط ويتتبع اثرها فى ربط الحيزات الداخلية والخارجية وفى العلاقة العضوية والبصرية المتداخلة بينهما .
" نتيجة لتعدد وظائف المجمع الحضرى ، اصبح الحيز المعمارى الداخلى امتدادا للحيز العـام فى الشارع ، بينـما يبرز الضريح الى الخارج ويحقق اكبر قدر من الظهور فى الحيز العـام والتفاعل معه . وادى هذا التفاعل الوظيفى بين المبنى وجواره الحضرى الى توحد الحيزات فيهما فى وحدة تشكيلية واحدة ."
ادى التفاعل الوظيفى بين المبنى وجواره الحضرى الى ابعد من مجرد دمج الحيزات فى وحدة تشكيلية واحدة فقط ، بل تعدى ذلك ليشمل توحد الواجهات الداخلية والخارجية ايضا . نسبة لطبيعة مواقع المجمع الحضرى فى قلب القاهرة فى العصور الوسطى والقيود التى تفرضها على التصميم كان الخيار المتاح هو اللجوء الى المخطط المفتوح الى الداخل واستخدام صيغة الفناء فى بناء المجمعات الحضرية . الملاحظ ان المعمارى فى عصر المماليك اتبع تقاليد كانت سائدة من قبل فى التعامل مع الواجهات الداخلية . كان الاهتمام فى المبانى السكنية منذ العصور الاسلامية المبكرة بالواجهات الداخلية المطلة على الفناء اكثر من الواجهات المطلة على الشارع ، وذلك ضمن استراتيجية فصل الداخل فصلا تاما عن الشارع لدواعى الخصوصية . فى مجمعات المماليك الحضرية صار التوجه نحو التعامل مع الواجهات الداخلية المطلة على الفناء باعتبارها ليس فقط امتدادا للواجهات الحضرية بالخارج ، بل جزء اساسيا فى البناء التشكيلى للمجمع الحضرى .

المعروف ان وظائف المبنى هى المحدد الرئيسى للشكل المعمارى .  فى العمارة الاسلامية ليست الوظائف العادية  المتعلقة بالمناشط الاجتماعية مثل التعليم والعبادة وغيرها فقط هى المسئول عن تحديد الشكل المعمارى ، بل ان وظيفة  التعبير عما تمثله الحيزات المعمارية ، التصور المعمارى ، يلعب دورا اساسيافى تحديد شكل تلك الحيزات .
سـاد فى عصر المماليك اشــــكالا متنوعة من الحيزات مهـمتها ، الى جانب الربط بين الاجزاء ، ان تبعث برســـالة بصرية تعبر عن مضــــــمون التصور المعــمارى . اول هذا النوع من الحيزات هو  ما تسميه al-Harithy "الجيب الحضرى" وهو عبارة عن تغير فى مجرى الشارع المحدود يحدث فيه اتساعا يقع بين ضفتى المبانى على جانبى الطريق يواصل الشارع بعدها مساره من جديد . لم يكن الشارع فى المدن الاسلامية فى العصور الوسطى مستقيما بل كان مألوفا ان يعترض مسارة انحناء طارئا يغير اتجاهه وشكله واتساعه . الجيب الحضرى الذى يعترض شارع المعز عندما يمر بموقع مجمع قلاوون مثل ذلك وهو احد وسائط التعبير فى عمارة المماليك ، من اغراضه توجيه الحركة نحو المدخل الرئيسى و تهيئة حيزا مناسبا للتواصل الاجتماعى .
الجيب الحضرى الذى تشكل امام مجمع قلاوون عبارة عن ساحة صغيرة " ...تكتسب خصائصها الحضرية من البناء التشكيلى على ضفتيها ومن تعبير واجهات مجمع قلاوون على جانب من الشارع وواجهة المدرسة الصالحية المقابلة لها على الجانب الآخر ، وتكتسب خصوصيتها من احتوائها بين هذين الصرحين التذكاريين ." 

لم تكن الواجهة فى عمارة المماليك مجرد غلاف للمساحات الداخلية بل جزء لا يتجزء من ابداع البناء التشكيلى . هناك علاقة قوية بين واجهة المجمع الحضرى فى عصر المماليك التى تستمد خصائصها المتميزة من طبيعة هذه المبانى ذات الوظائف العامة المتنوعة ، ومواقعها فى قلب القاهرة الفاطمية بكل ما فيها من حيوية الشارع المصرى وحركة الناس والسوق . تشير al-Harithy الى هذه العلاقة باعتبارها العامل الاكثر فاعلية فى تشكيل الواجهات فى مدينة المماليك كجزء من النسيج الحضرى . ينظر الى هذه الواجهات كجزء من العلاقات التشكيلية المركبة التى تنشأ فى المحيط الحضرى بين واجهات المبانى والحيزات الحضرية التى تتكون من الشارع او الفسحات بين ضفتى هذه المبانى والتى يمكن ان نسميها المشهد الحضرى .
" تعد واجهة مجــمع السلطان قلاوون  (1285-1284) نموذجا من هذا النوع من الواجهات التى تشكل اندماجا فى النسيج الحضرى والتى تنشىء حوارا تشـــكيليا مع الجوار الحضرى . واجــهة مجمــع قلاوون هى جزء من امتداد تشــكيلى واســــتمرار بصري لمدرســة الملك الصالح نجم الدين (1244-1242) ومدرسـة الظاهر بيبرس فى الجانب الآخر من الشارع ، والتى يوحدها تشابه تعبيرات الواجهة فى المبانى الثلاثة ويجعلها وحدة تشكيلية متجانسة ."    

تقارن al-Harithy بين الواجــهات ذات الحركة الديناميكية فى عمارة الممــاليك وبين الواجهات الســاكنة والتى يغلب عليها التمــاثل المحورى فى عمارة الفاطميين . فى المقابل حلت واجهات الشارع ذات الاستمرارية والتشكيل المتحرر من قيود التماثل المحورى فى عصر المماليك محل الواجهة التقليدية المستقلة ذات الابعاد التذكارية فى عمارة الفـــاطميين . افضل نموذج يمثل القمة فى واجهات الممـاليك نجده فى واجهة محـمع السـلطان قلاوون ، واستــمرارها من بعد فى مدرســـة النـاصر نحمد (1295-1304) ثم فى مسجد السلطان برقوق (1384-1986) .

النوع الثانى من الحيزات التى تتحدث عنه al-Harithy فى هذا المقــال هو الممر الداخـلى ومهمته، الى جانب الربط بين الاجزاء ، ان يعمل كأداة من ادوات التعبير . تنتقل الحركة فى عمـــارة الممــاليك من الحيز العام فى الشــارع الى الحيز الخاص فى الداخل عبر تسلسل من الحـيزات الداخلية تسميها  al-Harithy " الحيزات الانتقالية " بدء من المدخل مرورا بالردهة ثم الممر الداخلى . اضافة الى ربط الداخل بالخارج استخدمت الحيزات الانتقالية ايضا لربط الاجزاء الداخلية وتوحيدها .
"بسبب ازدياد الاهتمام بالعلاقات المتبادلة بين الحيزات الداخلية المعمارية و الخارجية الحضرية ، تتطلب تشكيل الحيزات الانتقالية عناية خاصة . اضافة الى وظيفتها الاساسية فى ربط اجزاء المبنى صارت الحيزات الانتقالية هى العنصر الاول المسئول ليس فقط عن التحكم فى ديناميكية الحركة بين الداخل والخارج بل مسئول ايضا عن توازن العلاقات الوظيفية المتداخلة بينهما وتوفير الخصوصية المطلوبة لبعض اجزاء المبنى بالداخل ."

كان اسلوب الدخول المتدرج عبر تسلسل من الحيزات الوسيطة التى تنقل الحركة من الشارع العام  عبر الفناء الداخلى الى حرم الصلاة ، تقليدا اشتهرت به العمارة الاسلامية منذ العصور المبكرة مثل الجامع الاموى فى دمشق والجامع الازهر فى القاهرة . ولكن نسبة لطبيعة المخطط من طراز الايوانات والفناء الداخلى وتعدد المكونات متعددة الاغراض فى عمارة المماليك ، لم يعد المدخل  المباشر فى مركز الواجهة الذى ساد من قبل ممكنا ولا عمليا . كان ضروريا ان يكون المدخل فى مجمعات المماليك موحدا ثم تنتقل الحركة عبر الردهة انتقالا متدرجا ينظم الدخول ويبعد ضوضاء الشارع ويوفر العبور نحو الخصوصية . تعمل الردهة كحيز وسيط بن العام فى الشارع والخاص بالداخل مهمتها ان تضبط الايقاع المتدرج نحو العمق عبر الممر  الذى يربط مكونات المبنى مثل مجمع قلاوون ، او عبر دهليز طويل يمتد عمقا كما فى خانقة السلطان بيبرس او مدرسة السلطان حسن حسب درجة الخصوصية التى تتطلبها وظائف المبنى .

فى خانقة بيبرس يتم عبور الحــيز الانتــقالى بمراحل متدرجة بدء من الحيز الحضرى فى الشــارع . تصف  al-Harithyالحيز الحضرى امام خانقة السلطان بيبرس الجاشنكير بأنه جيب حضرى تكون نتيجة لبروز الضريح فى حيز الشارع وانه يشكل جزء من الحيز الانتقالى  . هنا يبدأ الحيز الانتقالى حقيقة فى الحيز الحضرى خارج المبنى ويمر بمراحـل متدرجة داخل المبنى الى ان يصل الى الفناء الداخلى . يمر الحيز الانتقالى بمراحل متدرجة بدء من الجيب الحضرى ، عبر بالمدخل الذى يؤدى الى الردهة وهى غرفة صغيرة تعمل كنقطة توصيل يتفرع منها دهليزين غير مباشرين : يتجه الاول شمالا الى ردهة الضريح والتى تؤدى الى مدخل الضريح فى محور القبلة . اما الدهليز الآخر فيتجه جنوبا ليفتح فى فناء المدرسة .  
"فى خانقة بيبرس يقع الضريح فى مقدمة المبنى ولكن الردهة امام الضريح فقط هى التى لها صلة مباشرة بالشارع . تعمل الردهة ، كما كان سائدا فى تلك الفترة ، على توجيه الحركة فى اتجاه الباب المقابل  للقبلة على المحور العمودى عليها . اما الخانقة التى هى مؤسسة خاصة وليست للعمامة كان مناســبا ان اتخذت موقعها فى عمق المبنى محتفظة بخصوصيتها وبعدها عن الشارع . "

Friday, 9 September 2011

The Pond

العمــارة الحديثة الاقليــمية فى الخرطوم بين المعـــاصرة والارث الحضـــارى

لم يعد الحديث عن اثر العولمة على الهوية المعمارية مطروحا الآن بقوة كما كان فى العقد الاول من القرن . ربما يرجع السبب فى ذلك الى انتشار العمارة الاقليمية - الوسطية : التى تقوم على ارضية مشتركة من التقاليد والتجديد ، ليس فى مدن العالم الثالث فقط بل والكثير من مدن العالم .

تقدم هذه الرسالة رؤية جديدة لورقة سبق ان قدمتها فى مؤتمر علمى قبل سنوات عن العمارة الحديثة فى الخرطوم . السبب فى اعادة كتابة الورقة هو ما تأكد لنا بالملاحظة الشخصية من ان العمارة الحديثة الاقليمية لم تعد محصورة فى دول العالم الثالث فقط كما كان فى النصف الثانى من القرن العشرين ، بل صارت تمثل توجها عالميا امتد فى كثير من المناطق وخصوصا فى الشرق الاوسط ودول البحر المتوسط . لذلك يمكن القول ان العـمارة الحديثة الاقليمية فى الخرطوم و الكثير من المدن فى العالم الثالث ، لم تعد حركة معزولة بل اصبحت تشكل جزء من حركة التجديد العالمية المعاصرة ، وربما كان لها تأثير على حركة العمارة ما بعد الحديثة فى الدول الغربية .

___________________________

تركز مقدمة الورقة على توضيح بعض خصائص السودانيين التى تتمثل فى انهم قوم  يميلون الى سرعة استيعاب الحداثة  ، وانهم  فى ذات الوقت حريصون كل الحرص على الهوية ومولعون بممارسة انماط الثقافة التقليدية فى حياتهم الخاصة والاجتماعية . تنتقل الورقة بعد ذلك الى توضيح اثر هذه  الخصائص التى تتميز  بقبول التحديث بقوة وتتمسك بالارث الثقافى بقوة ايضا على العمارة الاقليمية فى الخرطوم .

الغرض من هذه الدراسة هو التوثيق لحركة العمارة الاقليمية فى الخرطوم . الملاحظ ان العمارة الاقليمية التى تقوم اساسا على ارضية مشتركة من الارث الحضارى والمعاصرة تتبنى فلسفة تصميم تبدو الاكثر ملاءمة للاستجابة  لارث التقاليد ومفاهيم العصر . تعتمد الدراسة منهجية البحث الميدانى وتقوم بتحليل بعض نماذج من العمارة الاقليمية بالخرطوم لتحديد الى اى مدى نجح التصميم فى التوازن بين الاستجابة لمتتطلبات التقاليد والتعبير عن مفاهيم العصر .

__________________________

تعرض الورقة بعض النماذج التى توضح تطور العمارة الحديثة الاقليمية فى الخرطوم فى خلال الاربعة عقود الماضية . تشترك نماذج الدراسة فى الوعى باهمية المعالجة البيئية ووضعها على قائمة الاولويات فى برنامج التصور المعمارى design concept  ، و تتميز بمعالجات بيئية مبتكرة الى جانب استخدام المعالجات البيئية التقليدية .

تستخدم جميع النماذج المعروضة من المعالجات البيئية التقليدية ما هو معروف مثل الفناء الدخلى كمستودع للهواء البارد ؛ الجدران السميكة والمزدوجة للعزل الحرارى ؛ تظليل الواجهات والمساحات المحيطة بالمبنى للحماية من الاشعاع الحرارى المباشر ؛ العناية بالمساحات الخضراء وتقليل المساحات الزجاجية فى النوافذ..الخ.

تستخدم نماذج الدراسة ، الى جانب المعالجات البيئية التقليدية ، حزمة من المـعالجات غير التقليدية . اهم المعالجات المبتكرة هى استخدام نظام خليط يجمع التبريد الصناعى والتبريد الطبيعى . تشترك جميع نماذج الدراسة فى ازدياد الوعى بضرورة استخدام نظام خليط يجمع التبريد الصناعى والتبريد الطبيعى الذى يوظف الحلول المعمارية التقليدية التى ورد بعضها فى المعالجات التقليدية من قبل . اهم مزايا هذا النظام انه يقلل استهلاك الطاقة ، ويزيد كفاءة  التبريد )درجة التبريد مقابل استهلاك الوقود( ، ويجعل المبنى رفيقا بالبيئة بصورة افضل .


 
Heritage and Regional Modern Architecture in Khartoum

Introduction

Khartoum, the Capital city of Sudan, was founded under the colonial rule in the early twentieth century as a pre-planed modern city. Since its foundation, western modernization was introduced in Khartoum by the British colonial administration and the Egyptian presence; as well as the other foreign communities residing in Sudan such as the Greeks, Italians, Syrians and Armenians. Before independence all aspects of modern public life, including professions, education, public service etc. were largely shaped by foreign presence and the dominant European culture. Although, this picture has changed totally after independence, and everything was shifted to Sudanese hands a strong feeling of the influences of globalization persisted.

Despite the influences of westernization and later globalization, assimilation of modernity and foreign cultures has been the norm in Khartoum. It is remarkable to note that people are open to modernity, while Sudanese culture is strongly maintained and tradition is widely observed. The reason for this in my opinion is because Khartoum population is a mixture of different ethnic groups that come from all parts of Sudan, when they migrated to Khartoum they brought along their provincial cultures. Although, Khartoum acts as a melting pot of the distinct cultures of the Sudan, each cultural group preserves the special characteristics of their own localities.

In Khartoum while public life is predominantly modern, private life on the other hand is a combination of modernity and traditionality. People reconcile the contradictions between the local and the global and manage to express identity through maintaining balance between modernity and traditions. As a result there is no conflict between the two streams: indigenous cultures and modern coexisted in a harmonious blend. These characteristics have surely had an impact on architects, and the rise of modern regionalism must not be seen in isolation.

Although the regionalists adhere to global architectural norms, it is observed that their work is rooted in cultural heritage. This paper argues that regionalist modern  in Khartoum is the concluding statement of many years of search by regionalists for how to satisfy the demands of modern living standards, and to respond at the same time to the needs generated by tradition.                                                                      
                            
________________________

The influence of globalization on identity doesn't at present generate controversy as did during the first decade of the millennium. The reason is partly because globalization has become an accepted phenomenon so widely distributed throughout the globe. It has even been suggested that globalization is sometimes desirable on the assumption that it generates a process which takes place through a two-way mechanism which makes it possible for communities to contribute in world global culture. The reconciliation with globalization has recently paved the way for the emergence of regionalism as an intermediate category between heritage and modernity. In a similar way Post-Modern appeared in the western countries which, as Charles Jenks describes it, is a double coded combination of modern and other language of expression such as traditional architecture. Regionalism, however, can be seen as more advanced form of post-modernism, its role is not confined only to preserving heritage but also as a mediating agent that values the experiences of the past and transmitting them to the future generations.
   
________________________


Theorists differentiate between 'regionalism' as a tradition which came mainly as a reaction against westernization and a more liberal regionalism which accepts globalization and modernity. The reaction against westernization after independence has lead in many developing countries to the emergence of the ‘regionalist approach’. Traditional regionalist response would focus on expressing local identity through the revival of elements of traditional architecture. Non-conventional regionalism on the other hand seeks to introduce a new synthesis that is rooted in heritage and at the same time modern.


Architecture in Khartoum has never been fully documented. Apart from few scattered efforts, there is no comprehensive documentation of modern architecture in general. This paper is intended as one of the first early initiatives in this respect. The study methodology relies on fieldwork examination of selected examples that represent modern regionalism in Khartoum. The aim of the analysis is to establish the extent as to which regionalists in Khartoum were able to respond to modernity without disjointing from traditions.
_______________________


The earliest example is the Kuwaiti Embassy building in Khartoum (1977) designed by Technical Studies Bureau (TEST) Khartoum (Fig.:1).

Fig. (1) north façade of the Kuwaiti building, Khartoum

To achieve its environmental goals the architects go for inward planning option with a conventional courtyard (Fig.:2). The plan is a simple setting-up with a central courtyard that is surrounded by rooms arranged on two floors.  Rooms are reached directly from the courtyard at ground floor level, and from an access balcony at first floor. The courtyard, however, is not open to sky as would have been expected, but covered with transparent synthetic roofing that meant to allow sun light and to keep out dust common in Khartoum. Roofing the courtyard no doubt restricts natural air circulation through the courtyard and the surrounding rooms, thus defeating the whole idea of using natural means of cooling.

                                                                              Fig. (2)  courtyard view in the embassy building

Fig. (3) office glass walls behind screening arcades

The design is intriguing in that its form is inspired by local heritage, and in the same time it is a modern building with aluminium and glass facades behind screen walls. Façades are protected against direct sun radiation by unroofed arcade surrounding the building on all sides. The object of screening is not only shading glass walls, but also allowing cool air movement coming across the surrounding green landscape to rise up against the glass walls pushing the accumulating  hot air upwards to escape from the opened top and cooling glass surface (Fig.: 3,4).


                                                                              Fig. (4) screen walls shading glass facades