فى علاقة تعليم التصميم المعمارى و البحث العلمى (3)
لماذا اتباع الاسلوب المنهجى فى التصميم المعمارى ؟
لماذا اتباع الاسلوب المنهجى فى التصميم المعمارى ؟
ولكن لماذا اتباع الاسلوب المنهجى فى التصميم المعمارى ؟ وهل يعنى اتباع منهج التصميم اقصاء الابداع الفنى ؟ وهل يمكن النظر الى الحل المعمارى باعتباره يجمع الاسلوبين ؛ اسلوب الابداع الفنى الذى يوصف بالاسلوب الفطرى والاسلوب المنهجى القائم على قاعدة من البحث والتحليل ؟
يشرح بارى يات من الجامعة الامريكية الكاثوليكية فى واشنطون النهج المتبع فى التصميم المعمارى فيقول ان هناك مدخلين مختلفين لمعالجة التصميم ، الاول هو المعروف باسلوب الاستوديو او الاتيلية وهو ما يسميه بارى" "black box او " الصندوق المقفول" وهو الذى يوصف بانه the "implicit" approach . اما المدخل الآخر فهو المنهج المبنى على نظام بحثى ويوصف بانه the "explicit" approach . يرى بارى ان اتباع اى من المدخلين- الاسلوب الفطرى أو منهج البحث- يمكن ان يؤدي وظيفة التصميم ، ولكنه يرى فى ذات الوقت ان المعمارى لا يمكن ان يطور تصميما بناء ومقنعا بغير فكر رشيد . ويوضح انه يمكن التوصل الى الحل المعمارى بالاسلوب الفطرى على ان يكون الفكر الذى قاد الى الحل قد تأسس على التحليل بعناية ( بارى يات ) وهذا هو الجمع بين العقلانى والابداعى فى التصميم.
يمكن تفسير رأى بارى يات ان كل من الاسلوبين – الاسلوب الفطرى والمنهج القائم على البحث _ يقوم على قاعدة من المعرفة والتحليل . ربما يتم الاسلوب الفطرى بصورة فردية بالاعتماد على القدرة غير العادية لدى بعض المبدعين على استيعاب المعرفة والتحليل والابداع فى داخل العقل المصمم . اما الثانى وهو اسلوب منهج البحث فهو ايضا يعتمد على المعرفة والتحليل والابداع الذى يقوم به فرد أو مجموعة تسمى فريق العمل ولكن عبر برنامج مسبق الاعداد .
لماذا اتباع الاسلوب المنهجى فى التصميم المعمارى ؟ هناك من الدليل على ان ما نسميه اليوم فلسفة التصميم او التصور المعمارى " "the concept كان متبعا منذ الحضارات القديمة وحتى النهضة . يبدوا هذا واضحا فى تطور بناء المقابر الملكية الفرعونية و تطور عمارة المعابد القديمة من المصرية الى اليونانية ثم الرومانية ، ويشهد بهذا ايضا تطور تصميم الكاتدرائية والمدرسة الجامع فى عصر المماليك . ساد بعد النهضة ، وحتى ظهور حركة التجديد modernism فى القرن العشرين ، الاســلوب الذى كثيرا ما يوصف بتعبير " "black box او الصندوق المغلق .
يصف رودس هلمان ( (1998 نقلا عن جون كريس ( (1970 فى عبارات قاطعة ومحددة اسلوب "الصندوق المغلق" بانه الاسلوب الذى فيه التصميم ليس واضحا الا للمصمم ، واحيانا لم يكن المصمم يدرك كيف توصل هو نفسه الى التصميم ولا يستطيع ان يوضح التفسير العقلانى للاساس الذى بنى عليه قرارات التصميم .
لم يعد هذا الاسلوب مناسبا اليوم على الاقل فى كل الحالات . مع تزايد تعقيدات المشروعات المعمارية صار غير ممكنا ولا حتى مجديا ان يتصدى فرد واحد مهما كانت قدراته الابداعية والذهنية للحل المعمارى بمفرده . كان هذا ممكنا فى الماضى وادى الى ابداعات بالاديو فى النهضة و كوربوزيية من رواد العمارة الحديثة فى مطلع القرن العشرين .
ان اتباع ما نسميه اليوم فلسفة التصميم او التصور المعمارى " "the concept لا يعنى الاتجاه نحو استبعاد الابداع الفنى من عملية التصميم بل العكس تماما هو المطلوب فالتصميم يحتاج التفكير العقلانى والابداع الفنى معا . ربما يكون التفسير الذى ينظر الى التصميم المعمارى باعتباره يجمع بين العقلانى والابداعى هو الاتجاه الاكثر انتشارا بين الكتاب فى الغرب الآن . لعل اول من رأى هذا التفسير كان هو جون كريس( (1970 ثم تبعه معظم الكتاب فى منهج التصميم فى الهندسة . رغم ان العمارة هى الاقرب للمفهوم الذى يجمع بين التفكير العقلانى والابداع ، لم اجد فيما ينشر ه الكتاب فى منهج التصميم المعمارى من يتبنى هذا الرأى . بينما يرى كثير من الكتاب ( هيرنان كاساكن ، 2008 ؛ بيتر كروس ، 2010) ان حل مشكلة التصميم فى الهندسة هو نهج ابـــداعى .