فى علاقة تعليم التصميم المعمارى والبحث العلمى /2
لماذا اتباع الاسلوب المنهجى فى التصميم المعمارى ؟
يبدوا ان هناك عدم رضــاء متزايد عن الوضع الحالى فى تعليم التصميم المعمارى حول العالم . صار تعليم العمارة فى الفترة الاخيرة فى مركز اهتمام الباحثين الذين يوجهون النقد نحو توجه برامج الاستوديو واسلوب التدريس . فقد كشفت الدراسات مؤخرا ان معظم النقد يتركز على الاتجاه السائد فى معظم دول العالم والذى ينظر الى العمارة باعتبارها شكل من اشكال الفنون الجميلة الذى يعتمد اكثر على الابداع والمهارات الفنية ويرجعون ذلك الى تأثير مدرسة باريس للفنون الجميلة Ecole des Beaux-Arts على الاصول التاريخية لنشأة تعليم العمارة حول العالم والذى لا يزال باقيا حتى اليوم . يدل على ذلك ان استوديو العمارة لا يزال يسيطر عليه الاتجاه الفطرى فى التصميم والاهتمام بالشكل المعمارى على حساب دور المعمارى فى المجتمع وموقفه من القضايا العامة.
لا تختلف الصورة فى استوديو التصميم فى الخرطوم كثيرا عن الوضع فى معظم دول العالم . فقد تزايدت الشكوى مؤخرا ، فى بعض مدارس العمارة ، من تدنى مستوى اداء الطلاب لاسباب معروفة ظل يرددها معلمى الاستوديو منها ازدياد عدد الطلاب وقلة عدد المعلمين واخرى تتعلق بمستوى التعليم قبل الجامعى وسياسات القبول وسياسة ترقى الطلاب الى المستوى الاعلى فى مدارس العمارة ، بالاضافة الى اسباب لم تكن مطروحة من قبل منها توجهات الاستوديو واختيار نوعية المشروعات التى تمثلها ومنهجية التصميم التى يتبعها الطلاب . هذه الاخيرة و المتعلقة بالاداء داخل الاستوديو كثر التداول حولها مؤخرا بين معلمى الاستوديو وصاروا يشيرون صراحة الى اسلوب التدريس التقليدى الذى لم يتغير كثيرا منذ عقود .
يرى البعض ان اسلوب التدريس التقليدى فى الاستوديو هو المسئول عن ضعف اهتمام الطلاب بمنهج التصميم المبنى على البحث والتحليل واعتمادهم على اسلوب الابداع الفطرى ، مما ادى الى التركيز على الشكل المعمارى والاهتمام المفرط احيانا باسلوب العرض والاظهار كمنتج اخير بصرف النظر عن الفكرة .
المعروف ان تعليم العمارة نشأ فى الغرب ، اولا ثم كل العالم ، عل نموذج مدرسة الفنون الجميلة فى باريس الذى يتخذ الابداع الفنى منهجا . رغم التحول عن هذا الاتجاه فى الغرب منذ النصف الاول من القرن العشرين الا ان اثر ذلك الارث على تعليم التصميم المعمارى لا يزال باقيا الى يومنا هذا فى كثير من مدارس العمارة فى العالم .
فى الخرطوم رغم ان منهج البحث والتحليل كأساس للتصميم المعمارى يبدو تقليدا تاريخيا فيها ، الا ان الطلاب ، فى بعض مدارس العمارة ، صاروا لا يهتمون باتباع المنهج و يفضلون القفز الى التصميم بالاعتماد على الابداع الفطرى واستخدام المهارات الفنية . لذلك لم نجد للبحث والتحليل سوى اثر محدود فى بناء قاعدة الحل المعمارى فى مشروعات الطلاب كما يشهد تقرير الممتحنين لطلبة البكلوريوس . يرجح ان السبب المباشر هو تدنى درجة تقييم البحوث مقارنة بدرجات التسليم النهائى للمشروعات حيث يمثل نحو 20% فقط من المشروع فى معظم الحالات ، بالاضافة طبعا الى ضعف الاهتمام بالدراسات الخاصة بمنهج البحث والتحليل اساسا و قصور واضح فى التوجيه داخل الاستوديو.
No comments:
Post a Comment