Thursday, 6 December 2012

تأملات ومدونات:

تأملات ومدونات: فى علاقة تعليم التصميم المعمارى و البحث العلمى  (2) مراجعة

لماذا اتباع الاسلوب المنهجى فى التصميم المعمارى ؟
يبدوا  ان هناك عدم رضــاء متزايد عن الوضع الحالى فى تعليم التصميم المعمارى حول العالم . صار تعليم العمارة فى الفترة الاخيرة فى مركز اهتمام الباحثين الذين يوجهون النقد نحو توجه برامج الاستوديو واسلوب التدريس . يرى هؤلاء ان تعليم العمارة ينبغى ان يكون اكثر استجابة لاحتياجات المجتمع .
كشفت الدراسات مؤخرا ان معظم النقد الموجه لتعليم العمارة يتركز على الاتجاه السائد فى معظم دول العالم والذى ينظر الى العمارة باعتبارها شكل من اشكال الفنون الجميلة الذى يعتمد اكثر على الابداع  والمهــارات الفنية ويرجعون ذلك الى تأثير مدرســة باريس للفنون الجميلة Ecole des Beaux-Arts على الاصول التاريخية لنشأة تعليم العمارة حول العالم والذى لا يزال باقيا حتى اليوم . يدل على ذلك  ان استوديو العمارة لا يزال يسيطر عليه الاهتمام بالشكل المعمارى على حساب دور المعمارى فى المجتمع وموقفه من القضايا العامة. 
المعروف ان تعليم العمارة نشأ فى الغرب ، اولا ثم كل العالم ، على نموذج مدرسة الفنون الجميلة فى باريس الذى يتخذ الابداع الفنى منهجا . رغم التحول عن هذا الاتجاه منذ النصف الاول من القرن العشرين الا ان اثر ذلك الارث على تعليم التصميم المعمارى لا يزال باقيا الى يومـنا هذا فى كثير من مدارس العمارة حول العالم . يوضح Brown and Yates   (2007)ان هناك اتجاهين رئيسيين برزا عبر سنوات كثيرة فى تعليم العمارة هما: اسلوب الفنون الجميلة الذى يعنى بابداع الشكل المعمارى ، والآخر الذى يعنى اكثر بدور المعمارى فى المجتمع .
 ادى عدم التوازن بين هذين الاتجاهين الى كثير من النقد فى الغرب . يرى النقاد ان المعمـاريين صـاروا فى معزل عن اهداف المجتمع وانهم قليلا ما يهـــتمون بغير التعبير الذاتى وارضـــــــــاء النفس    (Brown and Yates, 2007) .  يبدو ان هناك صلة ما بين اسلوب التعبير الفردى والاعتماد على الابداع الفنى من جهة ، يقابله اسلوب التصميم المبنى على البحث والتحليل والاهتمام بدور المعمارى فى المجتمع من جهة اخرى .

لا تختلف الصورة فى استوديو التصميم فى الخرطوم كثيرا عن الوضع فى معظم دول العالم  . فقد تزايدت الشكوى مؤخرا ، فى بعض مدارس العمارة ، من تدنى مستوى اداء الطلاب لاسباب معروفة ظل يرددها معلمى الاستوديو منها ازدياد عدد الطلاب وقلة عدد المعلمين واخرى تتعلق بمستوى التعليم قبل الجامعى وسياسات القبول وسياسة ترقى الطلاب الى المستوى الاعلى فى مدارس العمارة  ، بالاضافة الى اسباب لم تكن مطروحة من قبل منها توجهات الاستوديو واختيار نوعية المشروعات التى تمثلها ومنهجية التصميم التى يتبعها الطلاب . كثر النقاش مؤخرا بين معلمى الاستوديو حول الاسباب المتعلقة بالاداء داخل الاستوديو وصاروا يشيرون صراحة الى اسلوب التدريس التقليدى الذى لم يتغير كثيرا منذ عقود .
يرى البعض ان اسلوب التدريس التقليدى فى الاستوديو هو المسئول عن ضعف اهتمام الطلاب بمنهج التصميم المبنى على البحث والتحليل واعتمادهم اكثر على اسلوب الابداع الفطرى ، مما ادى الى التركيز على الشكل المعمارى والاهتمام المفرط احيانا باسلوب العرض والاظهار كمنتج اخير بصرف النظر عن الفكرة .
فى الخرطوم رغم ان منهج البحث والتحليل كأساس للتصميم المعمارى يبدو تقليدا تاريخيا فيها ، الا ان الطلاب ، فى بعض مدارس العمارة ، صاروا لا يهتمون باتباع المنهج و يفضلون القفز  الى التصميم بالاعتماد على الابداع الفطرى واستخدام المهارات الفنية . لذلك لم نجد للبحث والتحليل سوى اثر محدود فى بناء قاعدة الحل المعمارى فى مشروعات الطلاب كما يشهد تقرير الممتحنين لطلبة البكلوريوس . يرجح ذلك لاسباب كثيرة منها ضعف الاهتمام بالدراسات الخاصة بمنهج البحث والتحليل و عدم وضوح اهداف الاستوديو ، الا ان السبب المباشر هو تدنى درجة تقييم البحوث مقارنة بدرجات التسليم النهائى للمشروعات حيث يمثل نحو 20% فقط من المشروع فى معظم الحالات .
 

No comments:

Post a Comment