Thursday 29 November 2012

تأملات ومدونات:

فى علاقة تعليم التصميم المعمارى و البحث العلمى (3)

لماذا اتباع الاسلوب المنهجى فى التصميم المعمارى ؟
ولكن لماذا اتباع الاسلوب المنهجى فى التصميم المعمارى ؟  وهل يعنى اتباع منهج التصميم اقصاء الابداع الفنى ؟ وهل يمكن النظر الى الحل المعمارى باعتباره  يجمع الاسلوبين ؛  اسلوب الابداع الفنى الذى يوصف بالاسلوب الفطرى والاسلوب المنهجى القائم على قاعدة من البحث والتحليل ؟
يشرح بارى يات من الجامعة الامريكية الكاثوليكية فى واشنطون  النهج المتبع فى التصميم المعمارى فيقول ان هناك مدخلين مختلفين لمعالجة التصميم ،  الاول هو المعروف باسلوب الاستوديو او الاتيلية  وهو ما يسميه بارى"black box  او " الصندوق المقفول"  وهو الذى يوصف بانه   the "implicit" approach . اما المدخل الآخر فهو المنهج المبنى على نظام بحثى ويوصف بانه  the "explicit" approach   . يرى بارى ان اتباع اى من المدخلين- الاسلوب الفطرى أو منهج البحث-  يمكن ان يؤدي وظيفة التصميم ، ولكنه يرى فى ذات الوقت ان المعمارى لا يمكن ان يطور تصميما بناء ومقنعا بغير فكر رشيد . ويوضح انه يمكن التوصل الى الحل المعمارى بالاسلوب الفطرى على ان يكون الفكر الذى قاد الى الحل قد تأسس على التحليل بعناية  ( بارى يات  ) وهذا هو الجمع بين العقلانى والابداعى فى التصميم.
 يمكن تفسير رأى بارى يات  ان كل من الاسلوبين – الاسلوب الفطرى والمنهج القائم على البحث _ يقوم على قاعدة من المعرفة والتحليل . ربما يتم الاسلوب الفطرى بصورة فردية بالاعتماد على القدرة غير العادية لدى بعض المبدعين على استيعاب المعرفة والتحليل والابداع فى داخل العقل المصمم . اما الثانى وهو اسلوب منهج البحث فهو ايضا يعتمد على المعرفة والتحليل والابداع الذى يقوم به فرد  أو مجموعة تسمى فريق العمل ولكن عبر برنامج مسبق الاعداد .

لماذا اتباع الاسلوب المنهجى فى التصميم المعمارى ؟ هناك من الدليل على ان  ما نسميه اليوم فلسفة التصميم او التصور المعمارى " "the concept كان متبعا منذ الحضارات القديمة وحتى النهضة . يبدوا هذا واضحا فى تطور بناء المقابر الملكية الفرعونية  و تطور عمارة المعابد القديمة من المصرية الى اليونانية ثم الرومانية ، ويشهد بهذا ايضا تطور تصميم الكاتدرائية والمدرسة الجامع فى عصر المماليك .  ساد بعد النهضة ، وحتى ظهور حركة التجديد modernism فى القرن  العشرين ، الاســلوب الذى كثيرا ما يوصف بتعبير  " "black box  او الصندوق المغلق .
يصف رودس هلمان  ( (1998  نقلا عن جون كريس ( (1970  فى عبارات قاطعة ومحددة اسلوب "الصندوق المغلق" بانه الاسلوب الذى فيه التصميم ليس واضحا الا للمصمم ، واحيانا لم يكن المصمم يدرك كيف توصل هو نفسه الى التصميم  ولا يستطيع ان يوضح التفسير العقلانى للاساس الذى بنى عليه قرارات التصميم .
لم يعد هذا الاسلوب مناسبا اليوم على الاقل فى كل الحالات . مع تزايد تعقيدات المشروعات المعمارية صار غير ممكنا ولا حتى مجديا  ان يتصدى فرد واحد مهما كانت قدراته الابداعية والذهنية للحل المعمارى بمفرده . كان هذا ممكنا فى الماضى وادى  الى ابداعات بالاديو فى النهضة و كوربوزيية من رواد العمارة الحديثة فى مطلع القرن العشرين .

ان اتباع ما نسميه اليوم فلسفة التصميم او التصور المعمارى " "the concept  لا يعنى الاتجاه نحو استبعاد  الابداع الفنى من عملية التصميم بل العكس تماما هو المطلوب فالتصميم يحتاج التفكير العقلانى والابداع الفنى معا . ربما يكون التفسير الذى ينظر الى التصميم المعمارى باعتباره يجمع بين العقلانى والابداعى هو الاتجاه الاكثر انتشارا بين الكتاب فى الغرب الآن . لعل اول من رأى هذا التفسير كان هو جون كريس( (1970 ثم تبعه معظم الكتاب فى منهج التصميم فى الهندسة . رغم ان العمارة هى الاقرب للمفهوم الذى يجمع بين التفكير العقلانى والابداع ، لم اجد فيما ينشر ه الكتاب فى منهج التصميم المعمارى من يتبنى هذا الرأى . بينما يرى كثير من الكتاب ( هيرنان كاساكن ، 2008 ؛ بيتر كروس ، 2010) ان حل مشكلة التصميم فى الهندسة هو نهج ابـــداعى .

Friday 23 November 2012

تأملات ومدونات:


فى علاقة تعليم التصميم المعمارى والبحث العلمى /2

لماذا اتباع الاسلوب المنهجى فى التصميم المعمارى ؟
يبدوا  ان هناك عدم رضــاء متزايد عن الوضع الحالى فى تعليم التصميم المعمارى حول العالم . صار تعليم العمارة فى الفترة الاخيرة فى مركز اهتمام الباحثين الذين يوجهون النقد نحو توجه برامج الاستوديو واسلوب التدريس . فقد كشفت الدراسات مؤخرا ان معظم النقد يتركز على الاتجاه السائد فى معظم دول العالم والذى ينظر الى العمارة باعتبارها شكل من اشكال الفنون الجميلة الذى يعتمد اكثر على الابداع  والمهارات الفنية ويرجعون ذلك الى تأثير مدرسة باريس للفنون الجميلة Ecole des Beaux-Arts على الاصول التاريخية لنشأة تعليم العمارة حول العالم والذى لا يزال باقيا حتى اليوم . يدل على ذلك  ان استوديو العمارة لا يزال يسيطر عليه الاتجاه الفطرى فى التصميم والاهتمام بالشكل المعمارى على حساب دور المعمارى فى المجتمع وموقفه من القضايا العامة.  
لا تختلف الصورة فى استوديو التصميم فى الخرطوم كثيرا عن الوضع فى معظم دول العالم  . فقد تزايدت الشكوى مؤخرا ، فى بعض مدارس العمارة ، من تدنى مستوى اداء الطلاب لاسباب معروفة ظل يرددها معلمى الاستوديو منها ازدياد عدد الطلاب وقلة عدد المعلمين واخرى تتعلق بمستوى التعليم قبل الجامعى وسياسات القبول وسياسة ترقى الطلاب الى المستوى الاعلى فى مدارس العمارة  ، بالاضافة الى اسباب لم تكن مطروحة من قبل منها توجهات الاستوديو واختيار نوعية المشروعات التى تمثلها ومنهجية التصميم التى يتبعها الطلاب . هذه الاخيرة و المتعلقة بالاداء داخل الاستوديو  كثر التداول حولها مؤخرا بين معلمى الاستوديو وصاروا يشيرون صراحة الى اسلوب التدريس التقليدى الذى لم يتغير كثيرا منذ عقود .

يرى البعض ان اسلوب التدريس التقليدى فى الاستوديو هو المسئول عن ضعف اهتمام الطلاب بمنهج التصميم المبنى على البحث والتحليل واعتمادهم على اسلوب الابداع الفطرى ، مما ادى الى التركيز على الشكل المعمارى والاهتمام المفرط احيانا باسلوب العرض والاظهار كمنتج اخير بصرف النظر عن الفكرة .
 المعروف ان تعليم العمارة نشأ فى الغرب ، اولا ثم كل العالم ، عل نموذج مدرسة الفنون الجميلة فى باريس الذى يتخذ الابداع الفنى منهجا . رغم التحول عن هذا الاتجاه فى الغرب منذ النصف الاول من القرن العشرين الا ان اثر ذلك الارث على تعليم التصميم المعمارى لا يزال باقيا الى يومنا هذا فى كثير من مدارس العمارة فى العالم .
فى الخرطوم رغم ان منهج البحث والتحليل كأساس للتصميم المعمارى يبدو تقليدا تاريخيا فيها ، الا ان الطلاب ، فى بعض مدارس العمارة ، صاروا لا يهتمون باتباع المنهج و يفضلون القفز  الى التصميم بالاعتماد على الابداع الفطرى واستخدام المهارات الفنية . لذلك لم نجد للبحث والتحليل سوى اثر محدود فى بناء قاعدة الحل المعمارى فى مشروعات الطلاب كما يشهد تقرير الممتحنين لطلبة البكلوريوس . يرجح ان السبب المباشر هو تدنى درجة تقييم البحوث مقارنة بدرجات التسليم النهائى للمشروعات حيث يمثل نحو 20% فقط من المشروع فى معظم الحالات ، بالاضافة طبعا الى ضعف الاهتمام بالدراسات الخاصة بمنهج البحث والتحليل اساسا و قصور واضح فى التوجيه داخل الاستوديو.
 

تأملات ومدونات : فى تعليم التصميم المعمارى

يتعين على المعلم ان يعتمد فيما يقدم لطلابه من معلومات على المصادر الموثقة .

تأملات هذه الرسالة ، فى المنهج والتفكير العلمى فى التدريس ، هى بقية لما ورد فى تأملات نوفمبر 15 ،  2012  وامتدادا لتأملات اكتوبر 26 ،  2012  والتى قدمت فيها ترجمة لبعض فقرات من الدراسة التى اعدها كل من بولا أ ستانوفتش و كيث ستانوفيتش  (2003) من جامعة  تورنتو وهى بعنوان:
''Using Research and Reason in Education: How Teachers Can Use Scientifically Based Research to Make Curricular Instructional Decisions''

اقدم اليوم المزيد منها . تحت عنوان "وسائل التحقق من نتائج البحوث : ترديد المعلومات والنشر فى الدوريات المحكمة"  يقول الكاتبان:
مصداقية مصادر المعرفة
     هناك وسيلتين للتحقق من مصداقية المعلومات ، أولهما الدوريات العلمية المحكمة وهى الضمان الاول للحصول على المعلومات الصحيحة  الخاصة باسس التعليم . تنشر الدوريات المحكمة البحوث الميدانية فى شتى الموضوعات المتعلقة بأسس التدريس والتعلم ، وهى تشكل المصدر الاول الذى ينبغى ان يلجأ اليه المعلم للبحث عن الدليل الذى يؤكد مصداقية ما يقدمه لطلابه من توجيهات .
المعرفة الخاصة باسس التدريس المبنية على البحث العلمى ليست ملكا لافراد بل هى متاحة للجميع ويمكن نقدها واختبارها ميدانيا . بينما لا تخضع المعلومات التى تعتبر خاصة لا للتدقيق ولا للنقد بواسطة الآخرين ولا يمكن اعتبارها ابدا معلومات علمية . حينما تنشر المعلومات المبنية على البحث العلمى فى الدوريات المحكمة تصبح ملكية فكرية عامة متاحة للجميع ، بينما لا ترقى المعلومات الخاصة لمثل ذلك .
 الوسيلة الثانية التى تستخدم لتأكيد مصداقية نتائج البحث العلمى وجعلها متاحة للجميع  هى الترديد . يشترط لاعتبار المعلومات المبنية على البحث العلمى معلومات علمية ان يتم تقديمها لباحثين آخرين ليقوموا باجراء نفس التجارب والحصول على نفس النتائج . عندما يتحصلون على نفس نتائج البحث فانها تصبح معلومات مترددة وتصبح جزءا من الدليل الذى تجمع والذى يشكل اساسا للمعرفة المبنية على البحث العلمى فى دراسات التعليم .
الباحث ليس معزولا عن محيطه العلمى كالجزيرة ، فهو مرتبط بالمجتمع البحثى وما يتيح له من معرفة. يهيىء هذا التداخل للعلم النماء ويهيىء لاسلوب التعليم المبنى على البحث ان ينشأ على قاعدة من المعرفة غنية بمصادر المعلومات . يبنى الباحثون دائما على المعرفة السابقة للوصول الى ابعد مما هو معروف ، الامر الذى ما كان ليتحقق لولا ان كانت نتائج البحث متاحة بالصورة التى تمكن الباحث من الحصول عليها واستخدامها فى ابحاثه .


Thursday 15 November 2012

تأملات ومدونات : فى تعليم التصميم المعمارى

تأملات هذه الرسالة ، فى المنهج والتفكير العلمى فى التدريس ، هى عودة الى تأملات اكتوبر 26 ،  2012  والتى قدمت فيها ترجمة لبعض فقرات من الدراسة التى اعدها كل من بولا أ ستانوفتش و كيث ستانوفيتش  (2003) من جامعة  تورنتو وهى بعنوان:
''Using Research and Reason in Education: How Teachers Can Use Scientifically Based Research to Make Curricular Instructional Decisions''
اقدم اليوم المزيد منها ، يقول الكاتبان :
·        فى هذا العصر الذى وصف بانه عصر العلم والاصلاح والمسئولية .
" عرف المسلمون هذه المبادىء قبل النهضة الاوروبية بنحو عشرة قرون ، وتعمقت بالتزام الحضارة الاسلامية بتدوين العلم . الآن واضح اننا بغير استعادة قيمة العلم فى مجتمعاتنا وبغير تدوين المعرفة لن يكون لنا شأن فى التقدم نحو حياة افضل "
·   المعلمون مطالبون ان يقدموا لطلابهم الدليل العلمى على فاعلية المادة التى يدرسونها وعلى قدرة توجيهاتهم على تحقيق الهدف منها ، تماما كما يستطيع الاطباء تقديم الدليل العلمى على قدرة الدواء الذى يصفونه لمرضاهم على احداث الاثر العلاجى المطلوب .
·   الواضح ان الكثيرين من المعلمين ينشدون تقديم الدروس ذات المحتوى الجيد وبالاسلوب الذى يجعل الطلاب حريصون على الرغبة فى التعلم . لكن من الواضح ايضا ان هذه الدروس ما لم تكن قائمة على العلم فانها ، مثل التصميم المبنى على حسابات غير علمية ، سوف تنهار . 
·   يتزود التعلبم بالمعرفة من البحوث العلمية المنشورة فى الدوريات المتخصصة والمجلات البحثية المحكمة . هنا يلتقى المعلمون بالمعلومات القائمة على البحث العلمى لاول مرة من خلال فترة تدريب المعلمين بالجامعة التى تسبق اشتغالهم بالتدريس ، عبر الانصات لحديث اساتذتهم و قراءة كورسات التدريب . اما اثناء ممارستهم التدريس بعد ان يصبحوا معلمين فانهم يواصلون متابعة نتائج الابحاث العلمية المنشورة وبذلك يكتسبون صفة التعلم مدى الحياة .
·   انما يميز المعلمين الذين يتدبرون هو التفكير العلمى . هؤلاء هم المعلمون الذين يبحثون فى تطوير اسلوبهم فى  التدريس ويبتغون افضل ما ينفع طلابهم وهم مواجهون دائما ، كما يقول الكاتبان ، بالنظرية التى تدعى ان " اى شىء جائز فى التدريس " ، هكذا وصفا هذا الادعاء الباطل بقولهم :
…the view that "anything goes" in the field of education
·   يتعين على هؤلاء المعلمين المتميزين ان يتحصنوا ضد الادعاء بان اى شىء جائز فى التدريس او ان المعلم يمكن ان يدرس اعتمادا على القدرات الفطرية وذلك بالاطلاع على اعمال آليات تقييم نظريات التدريس و ان التعرف على البحوث العلمية ونتائجها امرا حيويا بالنسبة لهم .
·   يعلق الكاتبان بولا أ ستانوفتش و كيث ستانوفيتش على ما سبق بقولهما ان عقلية اى شىء جائز فى التدريس انما تشكل تهديدا لمصداقية مهنة التدريس ، وتوفر بيئة خصبة لمن يروجون المعالجات التدريسية التى لاتستند الى قاعدة محكمة من البحث العلمى )بولا أ ستانوفتش و كيث ستانوفيتش ، 2003: ص 3-4 ( .

·   كيف يفكر المعلم المتميز فى تحسين اسلوبه فى التدريس تفكيرا علميا ؟ وكيف يتحقق المعلم بنفسه من الدليل على اصالة البحث العلمى ؟
تحت عنوان " كيف يتحقق المعلم بنفسه من الدليل على اصالة البحث العلمى ؟ " يحذر الكاتبان من انه للحصول على المعرفة المحكمة علي المعلمين ان يتجنبوا النصائح من المصادر التى بناها اصحابها على معلومات غير صحيحة ، ويؤكدان انه ليس هناك مشكلة فى توفر المعلومات انا المشكلة هى مدى توفر آلية ضبط الجودة بمعنى آلية التحقق من صحة المعلومات .
 الدوريات العلمية المحكمة هى جهة التحكيم ، اما غيرها من المصادر مثل وسائل الاعلام او بعض دور النشر فان كثيرا منها يخلط بين الجيد وغير الجيد من المعلومات. هذا يسمح بوجود بيئة تساعد البعض على ترويج معالجات تعليمية لا تستند الى قاعدة بحثية مؤسسة ، وكثير منها يهدف للاساءة للعلم والدليل العلمى و ارساء مبدأ التدريس المبنى على البحث العلمى . ينبه بولا أ ستانوفتش و كيث ستانوفيتش  (2003) الى ضرورة ان يتمكن المعلم من تبين الفرق بين المعلومة المؤكدة بالدليل العلمى و الاخرى التى هى مجرد رأى .

·   سوف استعرض ، فى رسالة قادمة ، بعض ما كتب بولا أ ستانوفتش و كيث ستانوفيتش  عن اسس التحقق من المصادر المبنية على البحث العلمى .

Friday 2 November 2012

تأملات ومدونات :


فى علاقة تعليم التصميم المعمارى و البحث العلمى
يعرف كيريستوف بارتنك (2009) من جامعة ايندهوفن للتكنولوجيا بهولندة دور تعليم التصميم فى اطار وظيفة الجامعة فيقول : ان وظيفة الجامعة ليست هى فقط ان تؤهل الطلاب للعمل فى مهنتهم ولكنها ايضا موقعـا للعلم . لذلك فان الدور المنتظر من تعليم التصميم  فى الجامعة هو الاسهام فى تطوير المعرفة العلمية . يعكس هذا الرأى تاثير  الحوار المتجدد اليوم فى شأن الصلة بين التدريس والبحث العلمى فى الجامعات عموما وتدريس التصميم المعمارى على وجه الخصوص .
اصبحت الصلة بين التدريس والبحث العلمى موضوعا مطروحا للحوار بصورة منتظمة فى الجامعات ، بعض من نتائجه ازدياد الضغط على الاكادميين لرفع مستوى ادائهم فى البحث العلمى . رغم مختلف الاعباء التى  يواجهها الباحثين الا ان الكثير منهم  يرى ان البحث العـلمى يمكن ان يكون له تأثيرا ايجابيا على التدريس فى الجامعة .
" كان هذا جزء من الصورة فيما يشغل الجامعات والاكادميين حول العالم . يجدر بنا نحن الذين عرف العالم اول مدرسة نظامية عندنا واول جامعة انشأت هنا ، ونقلنا العلم الى النهضة فى اوروبا ، ان نتدبر الامر ...لا زلنا نعتمد فى بعض المجالات على القليل من المعرفة مما ورد الينا بالصدفة منذ ستون عاما ولم يتغير حتى الآن ..الا قليلا "

يوضح اندرو روبرتس  (2007)من جامعة كاردف بالمملكة المتحدة ان الصلة بين البحث العلمى والتدريس لا تزال معقدة وليس هناك حاليا آلية متوفرة للربط بينهما ، ولكن الكثير من الجامعات صار يتطلع الى تطوير وسائل التدريس المتصل بالبحث العلمى على نحو:
'research-led', 'research-informed' or 'research-based'

الامر الذى هو غير واضح كما يقول الكاتب هو معنى هذه المصطلحات فى ظل اختلاف المفاهيم بين الاكادميين من التخصصات المختلفة وفى الجامعات ذات التوجهات المختلفة ايضا . فقد لوحظ تأثير اختلاف اساليب التدريس المتنوعة على الصلة بين التدريس والبحث العلمى . فى الاسلوب التقليدى المعروف بنموذج ’نقل المعرفة‘ ، وهو الاسلوب الذى يوصف بانه يرتكز على المعلم ، يرى المعلم ان التدريس هو عبارة عن عملية نقل المعرفة من المعلم الى الطالب . قد يرى المعلم صاحب هذا المفهوم الصلة بين البحث والتدريس انها صلة نقل المعرفة التى نشأت بالبحث الى الطالب . المدخل الآخر لمفهوم التدريس ، والذى يرتبط عادة بالمدرسة ذات الاتجاه البناء ، فهو يرى ان التعلم هو احداث التغيير فى نظرة الطالب نحو العالم ، وهو الاتجاه الذى يتخذ  الطالب مركزا له . فى هذا المدخل المستنير تتمثل الصلة بين التدريس والبحث العلمى فى المناشط التى مركزها الطلاب ، مثل اسلوب ’التعلم من حل المشكلة‘ وهو الاسلوب الذى يدعو الى ان يصبح  الطلاب مسئولون عن تعليم انفسهم .